http://thegoogle-world.blogspot.com/
السبت، 10 ديسمبر 2011
6:23 م

الشجرة الذكــية


قصة جميلة نتمنى قراءتها

الشجـرة الـزكـية

حكى الراوي،

 قال: كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان شجرة ضخمة ذات طول مثير وشكل عجيب، فسبحان خالقها ومبدعها، كانت في غابة من الغابات الكبيرة.

وكـان يـعـيـش في نـفـس الـغـابـة حـطـاب عـجـوز، هـو وزوجـتـه، كـانـا يـسـكـنـان فـي كـوخ صـغـيـر، لـم يـكـن لـهـمـا أولاد. وكـان كـل شيء في حـياتـهـمـا هـادئـا يـنـبـئ عـن سـعـادة غـامـرة. يـمـر الـحـطاب كـل يـوم بـهـذه الـشـجـرة الـتي تـقـع في مـنـتـصف الـطـريـق، يـسـتـريـح تـحـتـهـا قـبـل أن يـسـتـكـمـل مـشـواره داخـل الـغـابـة لـيـجـمـع الـحـطـب.

 كان قـد ورث عن أبـيـه كـوخـا وفـأسـا وحـبـلا وحـب هـذه الـشـجـرة واحـتـرامـهـا. فـحـيـنـمـا كان يـجـلـس فـي ظـلـهـا، كـان يشـكـو إلـيـهـا هـمـومـه ويـخـبـرهـا عـن شـيـخـوخـتـه وعـن مـعـانـاتـه ووحـدتـه، لا أبـنـاء يـعـيـنـونـه وقد شاخ وضـعـفـت قـوتـه، لا أصـدقـاء يـسـألـون عـنـه وقـد مـل أن يـجـلـس إلى زوجـتـه الـتي كـانـت قـلـيـلا مـا تـتـحـدث. كـانـت زوجـه تـمـلأ عـلـيـه فـراغـه رغـم كـبـر سـنـهـا وضـعـفـهـا بـسـبـب الـمـرض.

وفـي يـوم مـن الأيام، وبـيـنـمـا الـحـطـاب الـعـجـوز سـائـر فـي طـريـقـه إلـى الـغـابـة كـعـادتـه مـنـذ سـنـوات، اعـتـرض طـريـقـه جـمـاعـة مـن قـطـاع الـطـرق، فـفـتـشـوا كـل أغـراضـه، فـلـم يـجـدوا شـيـئـا سـوى فـأس وحـبـل أكـل عـلـيـهـمـا الـدهـر وشـرب. أمام فـشـلـهـم في الـعـثـور عـلى شـيء وإحـسـاسهـم بـالإحـبـاط لـم يـجـدوا غـيـر أن يـشـدوا وثـاقـه ويـربـطـوه بـحـبـلـه. قـرروا أن يـحـمـلـوه مـعـهـم إلى حـيـث يـريـدون، وكـانـوا يـنـوون أن يـأخـذوه إلـى مـنـزلـه لـعـلـهـم يـجـدون بـه شـيـئـا ذا قـيـمـة. وفي مـنـتـصـف الـطـريـق مـروا بـشـجـرة عـظـيـمـة، أثـارت إعـجـابـهـم ودهـشـتـهـم واسـتـغـرابـهـم في نـفـس الـوقـت، فـاتـفـقـوا عـلى أن يـسـتـريـحـوا تـحـت ظـلـهـا ويـربـطـوا الـعـجـوز إلـيـهـا قـبـل أن يـواصـلـوا مـسـيـرتـهـم نـحـو الـكـنـز الـمـنـتـظـر، أسـنـدوا الـعـجـوز إلـى الـشـجـرة وشـدوه شـدا وثـيـقـا.

قـال الـحـطـاب فـي نـفـسـه، وقـد أيـقـن أنـه هـالك لا مـحـالـة، لـم لا أخـبـر صـديـقـتـي الـشـجـرة، فـلـعـلـي بـذلك أخـفـف عـن نـفـسـي بـعـض مـا تـعـانـيـه.

بـدأ يـشـكـو إلى الله ربـه وهـو يـسـمـع الـشـجـرة. كـان صـوتـه مـرتـفـعـا، يـزعـج اللـصوص، حـتـى أن أحـدهـم نـهـره وهـدده إن هـو لـم يـغـلـق فـمـه، فـسـيـحـشـوه حـشـيـشـا. طـال الـوقـت بـالـعـجـوز، وقـد كـل وتـعـب، وبـلـغ مـنـه الـيـأس كـل مـبـلـغ. 

فـقـرر أن يـودع صـديـقـتـه الـشـجـرة قـبـل أن يـنـقـلـه اللـصـوص، وقـد رأى اسـتـعـدادهـم لاسـتـكـمـال الـسـيـر، وإذا بـرائـحـة غـريـبـة تـفـوح مـن الـشـجـرة الـعـجـيـبـة بـحـيـث مـلأت الـمـكـان كـلـه.
أحـس الـحـطـاب ومـعـه قـطـاع الـطـريـق بـارتـخـاء فـي مـفـاصـلـهـم وانـسـدال فـي جـفـونـهـم شـيـئـا فـشـيـئـا حـتـى أنـهـم نامـوا نـومـا عـمـيـقـا وهـم عـلـى وضـعـيـتـهـم.

كـانـت الـشـجـرة قـد أصـدرت رائـحـة مـنـومـة، ولـم تـكـن تـمـلك شـيـئـا آخـر غـيـر ذلك تـنـقـذ بـه الـعــجـوز الـطـيـب، لـعـل الله يـجـعـل لـه فـيـه فـرجـا. مـر وقــت طـويـل وضـيـوف الـشـجـرة نـائـمـون، فـإذا بـأصـوات تـسـمـع مـن بـعـيـد، كـانـت فـي الـبـدايـة خـافـتـة ثـم بـدأت تـسـمـع عـلـى شـكـل جـلـبـة. 

إنـهـا جـمـاعـة قـادمـة، كـانـوا من سـكـان الـدواويـر الـمـجـاورة الـتـي أغـار عـلـيـهـا اللـصـوص فـي تـلك اللـيـلـة وأخـذوا مـا اسـتـطـاعـوا مـن أمـوالـهـم وطـعـامـهـم.

فـخـرج الأهالـي يـبـحـثـون عـسـى أن يـلـحـقـوا بـهـم أو يـجـدوا لـهـم أثـرا.
فـلـمـا تـبـيـنـوهـم وجـدوا لـديـهـم بـعـض مـسـروقـاتـهـم فـعـلـمـوا أنـهـم اللـصـوص الـذيـن بـحـثـوا عـنـهـم مـنـذ أكـثـر مـن ثـلاث لـيـال.

لـم يـكـونـوا قـد رأوهـم بـاللـيـل حـتـى يـعـرفـوا مـلامـحـهـم. 

ولـمـا رأوا الـحـبـل أدركـوا أن الـعـجـوز سـجـيـنـهـم وأنـه لـيـس واحدا منهم، فـفـكـوا وثـاقـه وأوثـقـوا الآخـريـن وثـاقـا، وانـتـظـروا حـتـى اسـتـيـقـظ اللـصـوص، فـأشـبـعـوهـم ضـربـا، وحـولـوهـم إلـى والـي الـمـديـنـة لـيـلـقـي بـهـم فـي حــفـرة تـحـت الأرض أعـدهـا سـجـنـا لأمـثـال هـؤلاء مـن الـمـجـرمـيـن. 

فـحـمـد الـعـجـوز الطـيـب الله تـعـالى حـمـدا كـثـيـرا، وشـكـر الـشـجـرة الـزكـيـة،
 وقـال فـي نـفـسـه: حـقـا، مـا جـزاء الإحـسـان إلا الإحـسـان

نصيحة

ازرع جميلاً ولو في غير موضعه ** فلا يضيع جميل أينما زُرعا

إن الجميل وإن طال الزمان به ** فليس يحصده إلاّ الذي زرعا




شارك الموضوع مع اصدقائك على الفيس بوك
Share


ضع تعليقك

0 comments:

إرسال تعليق