الشاعات كثرت فى الفترة الحالية وللإشاعات خطورة كبيرة فناقل الاشاعه كالذى يسحب فتيل القنبلة ولا يهرب وتنفجر القنبلة وللأسف يكون هو اول المتضرريين
دئنا لكم بهذا الموضوع لكى نحاول أن نحد من الإشاعات الموضوع طويل وكلنه يستحق القراءة
ظاهرة من جملة الظواهر التي تنتشر في المجتمعات،
وموضوع مهم؛ يهم كل المجتمعات الإسلامية، وغير الإسلامية؛إنها ظاهرة (الإشاعات)؛
وما أكثر الإشاعات التي تطلق في أوساطنا، ونسمعها هذه الأيام!؛ إشاعات مقصودة، وإشاعات غيرمقصودة؛
فلا تكاد تشرق شمس يوم جديد إلا وتسمع بإشاعة في البلد..من هنا أو من هناك.
فكم للشائعات من خطر عظيم في انتشارها، وأثر بليغ في ترويجها، وإنها لمن أخطر الأسلحة الفتاكة،
والمدمرة للمجتمعات، والأشخاص.
يعرف كثير من المختصين الإشاعة بأنها
(رواية مصطنعة عن فرد، أو أفراد، أو مسؤولين، يتم تداولها شفهياً؛ بأية وسيلة متعارف عليها؛ دون الرمز لمصدرها، أو ما يدل على صحتها)..
ومعظم الشائعات مختلفة؛ ذات دوافع نفسية، أو سياسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية،
وتتعرض أثناء التداول للتحريف، والزيادة، والنقص، وتميل غالباً للزيادة.
إن تاريخ الإشاعة قديم قدم الإنسان، وقد تطورت، وترعرعت مع تطور الحضارات القديمة، والحديثة؛
فقد استخدمها المصريون، والصينيون، واليونان في حروبهم قبل الميلاد بآلاف السنين للتأثير على الروح المعنوية للعدو،
ولنأخذ بعض الأمثلة لتأثير الشائعة:
• أشيع أن سقراط يفسد عقول الشباب بما يطرح عليهم من تساؤلات, وقد أدى ذلك إلى حشد الرأي العام ضده ومطالبته
بقتله وقد تم فعلا ذلك.
وقد ذُكر في كتاب الله عز وجل نماذج من تلك الشائعات؛ فمنذ فجر التاريخ؛ وبقراءة في تاريخ الأنبياء عليهم السلام،
وقصصهم نجد أن كلاً منهم قد أثير حوله الكثير من الإشاعات من قبل قومه، ثم يبثونها، ويتوارثونها أحياناً.
ولا شك أن تلك الإشاعات كان لها الأثر في بعض المعوقات في طريق دعوة أولائك الأنبياء والرسل؛
فهذا نوح عليه السلام اتهم بإشاعة من قومه؛ بأنه يريد أن يتفضل عليكم؛ أي يتزعم، ويتأمر،
ثم يشاع عنه أنه ضال: (إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)،
وثالثة يشاع عنه الجنون: (وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ).
وهذا نبي الله هود عليه السلام يشاع عنه الطيش، والخفة؛
كما قال تعالى: (إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنْ الْكَاذِبِينَ)،
ومرة يشاع عنه أنه أصيب في عقله:
(قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ)..
ثم هذا موسى عليه السلام يحمل دعوة ربه إلى فرعون وملئه وقومه؛ فيملأ فرعون سماء مصر،
ويسمم الأجواء من حوله؛ بما يطلق عليه من شائعات؛
فيقول: (إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ)..
ومما قال فرعون أيضاً: (أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى)..
وبرغم هذه الأراجيف والأباطيل والشائعات من حول موسى عليه السلام فإن الحق ظهر،
واكتسح في يوم المبارزة ما صنع السحرة؛ وألقي السحرة ساجدين؛ فبُهت فرعون أمام هذا المشهد،
لكن أسعفته حيلته، ودهاؤه؛ بأن يلجأ من جديد إلى تلفيق الإشاعات؛
إلى موسى أنه كان قد رتب الأمور مع السحرة، وأن سجودهم، وإيمانهم محض تمثيل، واتفاق؛ لمآرب
يحققونها جميعاً: (إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي المَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)॥
وقال سبحانه حكيا عن فرعون
قوله: (قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمْ الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ)..
وفي بداية العصر الإسلامي كانت حادثة الإفك التي تولى كبرها المنافقون،
وكادت تؤثر تأثيراً كبيراً على الروح المعنوية لبعض المسلمين؛ حتى أنزل الله تعالى قرآناً يبين براءة عائشة رضي
الله تعالى عنها وعن أبيها؛ ويكذب من جاء بالإفك..
وإشاعة مقتل الرسول صلى الله عليه وسلم في معركة أحد، وما كان لها من أثر في صفوف المقاتلين المسلمين..
وقصة نعيم بن مسعود رضي الله تعالى عنه في غزوة الخندق لتفكيك قوى الأحزاب لا تخفى على أحد..
ومن الشائعات الكاذبة التي صنعت ضد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه والتي كانت آثارها السيئة لا تقتصر على المجتمع في ذلك الوقت فحسب، بل على الأمة حتى وقتنا
هذا؛ حيث تجمع أخلاط من المنافقين، ودهماء الناس، وجهلتهم؛ وأصبحت لهم شوكة؛ وقتل على إثرها خليفة المسلمين؛ بعد حصاره في بيته، وقطع الماء عنه،
بل كانت آثار هذه الفتنة أنقامت حروب بين الصحابة الكرام؛ كمعركة الجمل،
وصفين॥ من كان يتصور أن الإشاعة تفعل كل هذا؟!،
بل خرجت على إثرها الخوارج، وتزندقت الشيعة، وترتب عليها ظهور المرجئة، والقدرية الأولى، ثم انتشرت البدع بكثرة، وظهرت فتن، وبدع، وقلاقل كثيرة؛ ما تزال الأمة الإسلامية تعاني من آثارها إلى اليوم.
وفي التاريخ أمثلة عديدة من هذه الإشاعات؛ نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر تلك الإشاعات التي كان ينشرها رسل جنكيز خان عن وحشية رجاله، وبطشهم، وكيف أدت تلك الإشاعات إلى تسهيل مهمة الجيش لاحتلال مدن متعددة في الشرق العربي والإسلامي؟!،
كما كانت الإشاعة والدعاية - سواء من المنطلق التاريخي، أو العقائدي - أساساً لاحتلال الإسرائيليين أرض فلسطين؛ فقد قدمت المنظمة الصهيونية العالمية مذكرة إلى مؤتمر السلام الذي انعقد بجنيف عقب الحرب العالمية الأولى، وجاء فيها ادعاء على التاريخ
(إن هذه الأرض: أي أرض فلسطين هي الموطن التاريخي لليهود)،
وربطت هذه الدعاية الصهيونية بين فكرة الحقوق التاريخية، وفكرة أرض الميعاد؛ والتي تدعي بأن
استيطان أرض فلسطين من طرف اليهود حكماً إلهياً..
وها نحن الآن نعيش زمن الردع الأمريكي بامتياز؛ حيث تستغل الإشاعة، والدعاية كسلاح يحتل الصدارة في الممارسات الإرهابية الدولية؛ وذلك مع تزايد أهمية الحرب النفسية الموجهة نحو الشرق الأوسط؛ وخاصة الساحة العربية، والإسلامية منها،
والأكيد أن هذا يعود إلى جملة عوامل منها:
أن هذه المنطقة من أهم مناطق العالم استراتيجية؛ مما يجعلها أكثر حساسية لأي تحرك سياسي، أو عسكري..
إلاَّ أن الظاهر هو أن التحركات السياسية الرسمية - سواء على المستوى العربي، أو الإسلامي - قد أعلنت إفلاسها؛ وأصبح الخطاب المشترك عند البعض منها مراعاة المصلحة الخاصة،
وعند البعض الآخر البحث عن صيغ؛ لمحاولة تمرير اتفاقيات التسوية الخيانية، وغيرها؛ من المشاريع التي من شأنها ترسيخ أقدام التسلط، والهيمنة الاستعمارية.
وتستثمر الإشاعة؛ فيكون مصطلح الجهاد هو المرادف الحقيقيللإرهاب، وهكذا॥
ثم تتحول الإشاعة من المفاهيم إلى الإدانة؛ فيدان الشعب الفلسطيني، ويتهم بالتعدي على حقوق
الإسرائيليين؛ كما تدان المقاومة؛ وتعتبر عملاً إرهابياً.
هذا॥ وقد حذرنا الإسلام من إشاعة الخبر الكاذب، ووصف الله سبحانه وتعالى، ورسوله الكريم وصفا مبتدع الإشاعة،
ومروجها بأقبح الأوصاف؛ فقد وصف بالفاسق في قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)،
والكاذبَ في قوله تعالى:
(إِنَّمَا يَفْتَرِي الكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الكَاذِبُونَ)،
والمنافقَ في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال:
(آية المنافق ثلاث وإن صلى، وصام؛ وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان)..
وحذر الله سبحانه وتعالى من الكذب؛ وبين العقوبة التي يستحقها الكاذب؛ لكذبه؛ فقال تعالى:
(فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الكَاذِبِينَ)،
وقال تعالى:
(وَيَوْمَ القِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ)،
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع)॥
أما السامع فقد أمره الله سبحانه وتعالى بالتثبت، والتأكد مما يسمع، وحذره من المسارعة في تصديق كل ما يبلغه فيقع في ندامة من أمره، والخطاب عام للمؤمنين؛
قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)..
فكم من إشاعة أطلقها مغرض، وسمعها، وصدقها متعجل أدت إلى تباغض الإخوان، والأصدقاء، والعداوة بين الأصحاب، والزملاء، وإساءة سمعة الفضلاء، وتشتيت أسر، وتفريق جماعات،
ونكبة شعوب، وانهيار، وهزيمة جيوش؛ فترك ذلك جراحاً عميقة؛ لا تندمل، وفرقة دائمة لا تجتمع.
ومع كل ما يعلمه المجتمع؛ مما تسببه الإشاعة؛ من مساوئ،
وويلات تظل المادة الأساسية، والهواية المحببة لمروجيها، ويبقى مروجوها بؤرة فاسدة في جسد المجتمع، وطفحا جلديا منتنا؛
فيجب على أي جماعة، أو أمة، أو شعب محاربة هذه الآفة؛ الفتاكة، واستئصالها، وانتزاعها من جذورها؛ لتبقى الأمة
متماسكة، مترابطة؛ ذات هدف واحد؛ تبني مستقبلها؛ وتقف ضد أي أخطار تعترض مسيرتها।
نمتنى ان لا نكون أطالنا عليكم وأ نكون وفقنا فى سرد الاشاعات على مدار العصور حتى نتجنب تلك الأفة
ضع تعليقك
0 comments:
إرسال تعليق